الاخبار

المحتوى المزيّف والترددات… حين يتحوّل النقد إلى تشويش في موسم الخريف

المحتوى المزيّف والترددات… حين يتحوّل النقد إلى تشويش في موسم الخريف

بقلم: أحمد معروف اليافعي

أصبح الهوس بالتردد سلوكًا شائعًا في زمننا الرقمي، حيث يسعى كثير من مشاهير التغريد ورواد التواصل الاجتماعي إلى تصدّر المشهد، حتى لو كان ذلك على حساب المصداقية، والموضوعية، والواقع. نلاحظ اليوم أن كثيرًا منهم يطرحون انتقادات موجهة لجهات حكومية ومؤسسات خدمية دون أدنى دراية أو خبرة، لا من قريب ولا من بعيد. فلا هم متخصصون في النقد الاجتماعي أو السياسي، ولا يمتلكون أدوات التحليل المهني، ولكنهم يملكون جمهورًا يُغذي هذا النمط من الإثارة.

إن النقد – حين يُمارس بوعي ومسؤولية – يُعد أداة للتقويم والإصلاح. أما حين يتحوّل إلى وسيلة للظهور أو كسب المتابعين أو المال، فإنه لا يُسهم إلا في نشر التشويش، ويخلق بيئة تُعيق القرار وتُخيف أصحاب المبادرات من المجازفة أو التغيير، خشية أن يُهاجموا بلا رحمة على أساس انطباعات لا تستند إلى أي حقيقة.

ويزداد هذا المشهد حدةً في موسم الخريف، حيث تتجه الأنظار إلى الفعاليات السياحية والمبادرات الحكومية في محافظة ظفار، ويصبح النقد العشوائي ظاهرة متكررة. الكل ناقد، الكل محلل، الكل خبير. يتسابق البعض للبحث عن الثغرات وتضخيمها، بينما تُهمَل الإيجابيات تمامًا، لأنها ببساطة لا تصنع التردد ولا تثير الجدل.

الأدهى من ذلك هو المحتوى المزيّف الذي يُنتج في بعض الفعاليات، حيث تُصرف مبالغ ضخمة على حفلات الافتتاح والدعوات، ويُستقطب مشاهير للترويج لمحتوى شكله جذاب، لكن مضمونه لا يخدم الواقع ولا يلامس تطلعات المجتمع. تجد القاعات مزينة، والكاميرات تلتقط أجمل الزوايا، لكن الحضور ضعيف، وغالبًا من غير المختصين، والمؤتمر لا يترك أثرًا حقيقيًا.

هل نحن نحتفل بالشكل فقط؟ هل نقيم فعاليات من أجل التغطية فقط؟ ولماذا تغيب الفعالية ذات القيمة، ويُستنزف المال العام في أنشطة لا تعود بالنفع الفعلي على المحافظة أو المواطن؟

كل هذه تساؤلات مشروعة، وليست نابعة من تشاؤم، بل من رغبة صادقة في التصحيح. هناك بالطبع فعاليات ناجحة، ومبادرات تُشكر، ومغردون صادقون يُرفع لهم القبعة لما يقدّمونه من دعم وطني حقيقي. ولكن هناك أيضًا من امتهن التهويل، وركب موجة التردد، ليحصد مكاسب لا علاقة لها بالوطن أو التنمية.

إننا بحاجة إلى إعادة تقييم، وإلى وعي إعلامي جديد، يفرّق بين من ينقد ليبني، ومن ينقد ليكسب. فليس كل ترند يعكس الحقيقة، ولا كل تغريدة تصنع وعيًا. الوطن بحاجة إلى نقد صادق، لا إلى ضجيجٍ يُخمد كل محاولة إصلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى