قلبٌ كالبحر.. وذاكرة لا يغيبها الزمن

قلبٌ كالبحر.. وذاكرة لا يغيبها الزمن

أ. عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس
تشكل عبارة: «اجعل قلبك مثل البحر، لا يشرب منه إلا الغارق فيه» صورة بليغة تعكس وجدان الإنسان العُماني حين يتحدث عن قائده وباني نهضته الحديثة، المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه.
فحب العُمانيين لقابوس ليس عاطفة عابرة، بل هو انتماء متجذر في القلب، تشكل عبر عقود من العمل، والنهضة، والسلام.
لقد أسس السلطان قابوس دولةً راسخة تعتمد العلم والتخطيط والتنمية المستدامة، ورسّخ قيم التسامح والاعتدال، وجعل الإنسان محور التنمية، فشُيّدت المدارس، وتطورت المؤسسات، وتعزز حضور عمان في العالم كدولة تحترم القانون وتدعو إلى السلام.
ولذلك لم يكن قابوس مجرد حاكمٍ عظيم، بل كان مدرسة في القيادة، وصوتًا للعقل، وأبًا لكل أبناء الوطن.
ومثلما احتوى البحر أسرار الغارقين فيه، احتوى قلب العُماني ذكراه، فلا يُذكر الوطن إلا ويُذكر معه، ولا يُرفع علم عمان إلا ويستحضر اسمه، دعاءً وامتنانًا ووفاءً.
غير أن النهضة لم تتوقف برحيله، فقد ترك السلطان قابوس الأمانة في يد أمينة، فانتقلت الراية بكل حكمة وسلاسة إلى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – الذي واصل المسيرة بثبات وثقة، وحمل عهد النهضة إلى مرحلة جديدة من التطوير والتحديث.
ففي عهد جلالة السلطان هيثم، شهدت الدولة تحولات رائدة شملت تطوير منظومة التشريعات، وإطلاق رؤية عُمان 2040، وتعزيز التنويع الاقتصادي، وتحديث هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتمكين الشباب، ودعم القطاع الخاص والاستثمار، إضافةً إلى ترسيخ قيم الحوكمة والشفافية، والاهتمام برفع كفاءة الخدمات في مختلف القطاعات.
لقد أثبت جلالته أن النهج واحد، وأن روح الدولة ثابتة، وأن عمان تسير إلى المستقبل بقيادة حكيمة تجمع بين الوفاء لجذورها والطموح لمكانتها القادمة.
كيف لا نحبهم؟
وهم من جعلوا الوطن قيمة، والإنسان أولوية، والاستقرار نعمة، والمستقبل مشروعًا مستمرًا؟
رحم الله السلطان قابوس بن سعيد وأسكنه فسيح جناته، وجزى جلالة السلطان هيثم بن طارق خير الجزاء وهو يمضي بعمان نحو آفاق أرحب من الازدهار والنماء.
وستبقى عمان، قيادةً وشعبًا، أمينة على العهد، ثابتة على الوفاء، ممتدة الجذور عميقة الرسالة.
- عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس



