ظلٌّ من عطاء
ظلٌّ من عطاء
بقلم الكاتبة والشاعرة أ. عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس
ليس العطاء فعلًا عابرًا يُقاس بمداه الزمني، بل أثرٌ يبقى حين يمضي أصحابه، وظلٌّ وارف لا تغيب بركته عن المكان الذي سكنه إخلاصًا. هكذا تُقرأ سيرة الأستاذ موسى القصابي؛ سيرة حضورٍ لم يتكئ على المنصب، بل على المعنى، ولم يُعرَف بالظهور، بل بما تركه من أثرٍ صادق.
في الساحات التي عرفت العمل الهادئ والالتزام المسؤول، كان حضوره مختلفًا؛ حضورٌ يرسّخ القيم بالفعل قبل القول. لم يكن العطاء شعارًا، بل ممارسة يومية تتجلّى في دعم المبادرات، واحتضان الطاقات، وبناء الإنسان قبل البنيان. ومن هنا، تشكّلت مسارات كثيرة كانت الثقة وقودها، والإيمان بالقدرة أساسها.
في قلب الصرح الثقافي، حيث تتقاطع الرؤى وتلتقي الطموحات، برزت ملامح قيادةٍ ترى في المسؤولية رسالة، وفي الشراكة قوة. كان موسى القصابي ممن يؤمنون بأن النجاح لا يُختزل في الإنجاز الفردي، بل يتسع حين يتقاسمه الجميع، وحين يُمنح الآخرون مساحة ليصنعوا أثرهم بثقة واطمئنان.
ولأن الأمكنة تكتسب روحها ممن يخدمها بإخلاص، فقد ترك موسى القصابي في المكان ظلًّا من عطاء؛ ظلًّا لا يغيب بانتهاء المهمة، ولا ينحسر بتغيّر المسميات. بقي أثره في المبادرات التي كبرت، وفي الطاقات التي وجدت من يؤمن بها، وفي ذاكرة المكان التي لا تنسى من مرّ بها صادقًا.
ليس في هذا الحديث وداعٌ بقدر ما هو امتدادٌ لمعنى العطاء حين يكون نابعًا من التزامٍ صادق. فالعطاء الحقيقي لا يُعلن رحيله، بل يظل حاضرًا، ظلًّا وارفًا، كلما ذُكر الاسم، واستُعيد الأثر
وحين يَضيقُ النثرُ، يَتقدّمُ الشِّعرُ شاهدًا على الأثر.»
1–كَيْفَ الوَدَاعُ لِمَنْ أَقَامَ بِسَاحِنَا،
صِدْقًا، وَحُبًّا، وَانْتِمَاءً دَفِينَا
2-أَبُو عُمَرَ مُوسَى القَصَابِيّ
الَّذِي بِجُهُودِهِ،
زَانَ المَجَمَّعَ رِفْعَةً وَيَقِينَا
3-سَعَدَتْ بِهِ كُلُّ العُلُومِ وَأَزْهَرَتْ،
بِعَطَائِهِ… حَتَّى بَلَغْنَ مَعِينَا
4-فِي قَلْبِ هَذَا الصَّرْحِ بَانَ مَقَامُهُ،
دَوْرًا جَلِيًّا يُجَدِّدُ التَّمْكِينَا
5-كَمْ مِنْ نَدَاوَاتٍ وَمِنْ مُلْتَقَيَاتٍ،
أَحْيَيْتَ فِينَا مَنْهَجًا مَيْمُونَا
6-وَدَعَمْتَ ذِي الإِعَاقَةِ حَتَّى قَدْ غَدَا،
صَرْحًا لَهُمْ بَيْنَ الأَنَامِ أَمِينَا
7-هَيَّأْتَ لِلْأَبْطَالِ كُلَّ مَكَانِهِمْ،
فَزَهَتْ خُطَاهُمْ رِفْعَةً وَتَمْكِينَا
8-مَا زِلْتُ أَذْكُرُ فِي «ظَفَارِ» جَامِعَةً،
يَوْمًا وَقَفْتَ بِهَا تُعِزُّ بَنِينَا
9-قُلْتَ: «المَجَمَّعُ لِلْجَمِيعِ تَمَكُّنٌ»،
فَغَدَا لِأَصْحَابِ العَزِيمَةِ عِينَا
10-بُورِكْتَ فِي كُلِّ المَسَارِ مُسَدَّدًا،
يُسْرًا وَسَعْدًا مِلْءَ كُلِّ يَمِينَا
11-يَا أَيُّهَا الشَّامِخُ عِزًّا وَيَقِينًا،
مَا َانَ وَدَاعُكَ يَوْمًا تَمَانِينَا
12-لَكِنَّهَا الدُّنْيَا تُبْحِرُ بِنَا دَوْمًا،
شِمَالًا نَمْضِي أَوْ نَمِيلُ يَمِينَا
13-أَبُو عُمَرَ مُوسَى تُصَفِّقُ أَيْدِينَا،
بِوَفَاءِ إِخْلَاصٍ وَصِدْقٍ فِينَا
14-يَا خَيْرَ مَنْ نَادَى الوَفَاءُ لِبَابِهِ،
سَتَظَلُّ رَمْزًا لِلْعَطَا يَهْدِينَا
15تَمْضِي وَتَبْقَى فِي القُلُوبِ مَحَبَّةً،
تُسْقَى دُعَاءً طَيِّبًا وَمَعِينَا
16-أَخْلَاقُكَ الغَرَّاءُ طَابَ عَبِيرُهَا،
فِي كُلِّ شِبْرٍ قَدْ بَنَيْتَ يَقِينَا
بقلم الكاتبة والشاعرة أ. عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس

