الخَبِيئَةُ: الرصيدُ الخفي
الخَبِيئَةُ: الرصيدُ الخفي
بقلم: أ/ عائشة بنت عمر العيدروس
في بنك الإيمان ⚡️
قال صلى الله عليه وسلم “من استطاع منكم أن يكون له خبءٌ من عمل صالح فليفعل”
في زمنٍ تتسارعُ فيه الخطى ويزداد فيه الظهور والتفاخر، يحتاجُ القلبُ إلى مساحةٍ من الصفاء، إلى عملٍ لا يعلمه إلا الله، يُخفى عن أعين الناس كما تُخفى الدرر في قاع البحر… وهذا ما يُسمى في لغة الإيمان “
💎 الخَبِيئَة”. 💎
ما هي الخبيئة؟
الخبيئة: هي العمل الصالح الذي لا يطّلع عليه أحدٌ من الناس، يُختزن في قلب العبد، ويكون بينه وبين الله، لا يراه قريبٌ ولا بعيد، بل قد لا تعلمه حتى يده اليسرى إن أنفقت اليمنى.
هي الرصيد الخفي الذي تدّخره في بنك الآخرة، وهي من علامات صدق الإيمان، ودليل على أن العبد يعمل لله، لا للثناء ولا للمكانة.
أمثلة على الخبيئة:
• دمعة في خلوة خوفًا من الله.
• صدقة في ظلام الليل لا يعلمها إلا الله.
• دعوة في ظهر الغيب لأحدهم دون علمه.
• كفّ أذى عن الناس دون أن يشعروا.
• إصلاح ذات البين دون أن يُنسب لك.
• قراءة قرآن، أو تسبيح، أو قيام ليل لا تعلم به سوى السماء.
الخبيئة في السنة النبوية:
جاء في حديث السبعة الذين يُظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظلّه:
“ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها، حتى لا تعلمَ شِمالُه ما تُنفقُ يمينُه”
– متفق عليه
وهذا أبلغ مثال على العمل الخفي، حيث أخفى الصدقة حتى عن أقرب جارحة إليه.
كما قال النبي ﷺ:
“من استطاع منكم أن يكون له خبءٌ من عمل صالح فليفعل”
– رواه ابن المبارك في الزهد، وصححه الألباني.
💎 لماذا نحتاج إلى الخبيئة؟
1. حماية القلب من الرياء: الأعمال الخفية تسدّ باب العُجب والتفاخر.
2. تقوية الصلة بالله: حين لا يشهد عملك إلا الله، تشعر بالقرب الحقيقي منه.
3. الوقاية في أوقات الشدة: كم من عبد نجا من كربٍ ببركة خبيئة صالحة.
4. الزيادة في رصيد الحسنات: لأنها صادقة، وخالصة، ومضاعفة بإذن الله.
فوائد الخبيئة:
• طمأنينة القلب. • نور في الوجه.
• حسن الخاتمة. استجابة الدعاء.
• شفاعة يوم القيامة. • بناء قصر في الجنة دون أن تدري.
قال أحد الصالحين:
“إذا رأيت العبد يُحسن في السرّ أكثر من العلن، فاعلم أن الله يحبّه”
كيف تبني خبيئتك؟
• اجعل لك وردًا من القرآن لا يعلم به أحد.
• خصّص وقتًا في الليل للصلاة أو الذكر دون إعلان.
• تصدّق كل شهر بشيء يسير، لا تخبر به أحدًا.
• ابكِ لله مرة في خلوة، فذاك من أعظم القُربات.
• ساعد الآخرين دون انتظار الشكر أو الذكر
“ازرع في الخفاء، يُثمر الله لك في العلن”
جعل الله لنا ولكم خبيئةً صالحةً تُنجي، وتُرضي، وتُزهِر في القبر، وتُؤنس في المحشر، وتفتح أبواب الجنان بلا حساب.
ولا تنسَ أن الله قال: “إنني قريبٌ، أُجيب دعوةَ الداعِ إذا دعان”
فكن من أولئك الذين إذا خَـلوا بمعصيةٍ تركوها، وإذا خَـلوا بطاعةٍ أداموها