الحميد: القصَّة المؤسَّسية تنفذ إلى القلوب وتتجاوز لغةَ الأرقام
في ندوة عن الاتصال المؤسَّسي بـ”كتاب المدينة 2025″
الحميد: القصَّة المؤسَّسية تنفذ إلى القلوب وتتجاوز لغةَ الأرقام
الاحساء / زهير بن جمعه الغزال
نظَّمت هيئةُ الأدب والنشر والترجمة ندوةً نوعية بعنوان “الاتصال المؤسَّسي: كيف تكون القصةُ مقنعةً وملهمة؟”، ضمن البرنامج الثقافي المصاحب لمعرض المدينة المنورة للكتاب 2025، أدارها الإعلاميُّ الأستاذ هاشم الجحدلي، واستضاف فيها المهندس أنس بن ناصر الحميد، الوكيل المساعد للتواصل في وزارة الحجِّ والعمرة، في جلسةٍ جمعتْ بين الخبرة الميدانيّة والتأصيل المهني، على مسرح المعرض.
وطرح الحميدُ خلالَ الندوة رؤيةً شاملة حول دورِ القصَّة في الاتصال المؤسّسي، مبيّنًا أنَّ الرسائل الفعّالة لا تُقاس بعددِ المشاهدات أو مؤشراتِ الأداء فقط، وإنَّما تقاسُ بمدى ما تُحدثه من أثرٍ نفسيٍّ وسلوكيّ لدى الجمهور، شارحًا أنَّ القصةَ الجيدةَ تستطيع أن تبنيَ جسور الثِّقة والانتماء، وتُحدِث تغييرًا حقيقيًّا في سلوك المتلقِّي، إذا صِيغتْ ببساطة ووضوح، وانسجمتْ مع هويّة المؤسسة ورسالتها الجوهرية.
وأفاد بأنَّ القصة المؤسّسية الناجحة ليست نسجًا أدبيًّا متخيّلا، وإنها غالبًا تنبع من تجربةٍ واقعيةٍ أو موقفٍ حقيقي يُبرز قيمةً أو رسالةً، ويتضمَّن صراعًا وحلًّا، مستطردًا إلى ضرورة تقديم القصة بلُغةٍ بشريّة خالية من التعقيد، وتفاصيل دقيقة تلامس واقع الجمهور الذي تخاطبه. كما نوَّه بأهميةِ أن تعكس القصصُ مواقفَ صادقة تُعبّر عن طبيعة المؤسسة وتعزّز صدقيتها.
وعرض الوكيلُ المساعد للتواصل في وزارة الحج والعمرة عددًا من النماذج الحيّة التي استَخدمت فيها بعضُ المؤسسات القصصَ في حملاتها بنجاح، مستدلًّا بذلك على أن القصصَ ليست فقط وسيلةٌ للإقناع، وأنها أداةٌ استراتيجية لتغيير السلوك وتعزيز الصُّورة الذهنية. مضيفًا أن الاتصال المؤسَّسي الناجحَ يتطلب ممَّن يمارسه أن يكون قارئًا، شغوفًا، مبدعًا، ملمًّا بالسِّياق، وصاحبَ تجربة ومعرفة مهنية متراكمة.
وتناول كذلك دورَ الاتصال في إدارة الأزمات، ونحا إلى أنَّ التعامل مع الأزمات يتوقفُ على دقَّةِ تقييمها، وسرعةِ الاستجابة، وشفافية الطرح. لافتًا إلى أنَّ الشفافية لا تعني كشفَ كلِّ شيء، وإنما دورها تقديمُ الرّواية الصّادقة بوضوحٍ ومسؤوليّة، محذّرًا من مخاطر التردد في زمنٍ تتسارعُ فيه وسائلُ النشر ووسائطُ التأثير.
وفي سياقِ حديثه عن الذكاء الاصطناعي، أوضحَ الحميد أن التكنولوجيا يمكن أن تكون حليفًا قويًا في إنتاج محتوى مؤثر، إذا استُخدمت ضمنَ رؤيةٍ مهنية، مشدّدًا على ضرورة تكثيف الجهود التوعوية لمواجهةِ المحتوى المخادع والمضلّل الناتج من الاستخدام غيرِ الأخلاقي للذكاء الاصطناعي، وعلى أهميةِ الحرص على تطوير المحتوى المحليِّ بما يخدم المؤسساتِ والمجتمع على حدٍّ سواء.
وتأتي هذه الندوةُ في إطار سعي معرض المدينة المنورة للكتاب إلى تقديم مساحاتٍ نقاشيَّة متخصّصة تربط بين الفكر والتَّطبيق، وتعرض قضايا الإعلام والاتصال ضمن أفقٍ ثقافيٍّ يعزز المهنية ويرتبط بالتحولات التقنية والسوسيولوجية الجارية.
يُذكر أن المعرضَ يواصل فعالياتِه حتى الرابع من أغسطس المقبل، ويستقبل زوّاره يوميًا من الساعة الثانية ظهرًا حتى الثانية عشرة منتصف الليل.