اخبار ثقافية

في يوم المعلم -عندما يكون التعليم رسالة-  

في يوم المعلم -عندما يكون التعليم رسالة-  

    منصور بن عبدالله المنصور

في كل عام، يتوقف العالم لحظة تأمل وإجلال في يوم المعلم، ذلك اليوم الذي ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو اعتراف عالمي بفضلٍ لا يُقاس، وبجهدٍ لا يُحصى. المعلم هو النور الذي يضيء دروب الأجيال، واليد التي تبني الإنسان قبل أن تبني أي حضارة.

في يوم المعلم، يقف العالم بأسره خاشعاً أمام شخصية استثنائية حملت على عاتقها أعظم رسالة عرفتها البشرية: بناء الإنسان. فالمعلم ليس مجرد ناقل للعلم، بل هو صانع العقول، ومهندس القلوب، وباني القيم التي تنهض بها الأمم وتُشيَّد الحضارات.

عندما يكون التعليم رسالة، يتحوّل المعلم من ناقل للمعلومات إلى صانع للحياة لا ينظر إلى تلاميذه كصفوف وأعداد، بل كعقول وقلوب وأحلام، يرى في كل واحد منهم مشروع إنسان قادر على أن يغير العالم. لذلك، يزرع فيهم القيم قبل العلوم، ويُعلّمهم كيف يكونون أحرارًا في فكرهم، أصيلين في أخلاقهم، مخلصين في عملهم.

المعلم لا يقدّم المعرفة فقط، بل يزرع القيم، ويوقظ الحلم في نفوس طلابه، ويرسم لهم طريق المستقبل. إنه يستثمر عمره وجهده وصبره ليصنع من طلابه قادةً ومفكرين وأطباء ومهندسين ومبدعين في كل مجال. كل إنجاز يحققه فرد في هذا العالم، يقف خلفه معلم زرع بذرة الثقة والقدرة، ثم روّاها بالعلم والتشجيع حتى أثمرت.

إن أعظم استثمار في أي مجتمع هو الاستثمار في الإنسان، والمعلم هو حجر الأساس في هذا البناء. فهو الذي يغرس حب التعلم، ويدرب على مواجهة التحديات، ويزرع في النفوس معنى العزيمة والإصرار. ولهذا، فإن الوقوف إجلالاً للمعلم هو وقوف إجلال للحضارة ذاتها، لأن الأمم لا تنهض إلا بعقول أبنائها، ولا تُبنى العقول إلا بأيدٍ مخلصة كأيدي المعلمين.

في يوم المعلم، يجب أن نقول لكل معلم في العالم: أنتم منارات الطريق، أنتم من حوّل الصعوبات إلى فرص، ومن حوّل الأحلام الصغيرة إلى إنجازات عظيمة. أنتم أبطال المستقبل الحقيقيون، وصنّاع النهضة الذين يستحقون أعظم كلمات الشكر والتقدير.

فلنقف جميعاً احتراماً للمعلم العظيم… ولنجعل من يوم المعلم محطة تجديد عهد بأن نبقى أوفياء لرسالته، داعمين لجهوده، ممتنين لتضحياته، لأن بناء المستقبل يبدأ من بين يديه. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى