الاخبار

الدكتورة صالحة الدوسري: الأمراض الجلدية تتطلب خبرة طبية دقيقة وتشخيصًا مبكرًا

الدكتورة صالحة الدوسري: الأمراض الجلدية تتطلب خبرة طبية دقيقة وتشخيصًا مبكرًا

الأحساء / زهير بن جمعة الغزال

أشارت الدكتورة صالحة الدوسري، استشارية الأمراض الجلدية والنسيج الجلدي وقائدة المسار في التجمع الصحي بمستشفي الملك فهد بالأحساء، أن قسم الجلدية في المستشفى يُعدّ مرجعًا مهمًا في التعامل مع هذه الفئة من الأمراض، لما يتطلبه الأمر من مهارة خاصة ودقة في الفحص، إذ إن بعض هذه الأمراض يبدأ في الظهور منذ السنوات الأولى من العمر، بينما قد تتأخر أمراض أخرى حتى سن المراهقة أو البلوغ أو منتصف العمر.

وتوضح الدكتورة الدوسري، أن الوعي المجتمعي بأهمية الفحص المبكر لا يزال بحاجة إلى دعم كبير، خصوصًا أن كثيرًا من الأمراض الجلدية النادرة قد تكون مؤشراً على مشكلة كامنة أو مرض في عضو آخر في الجسم، ومن بين هذه الأمراض مرض صدفية القُيحية لدى الرضّع، والتي تبدأ قبل بلوغ الطفل عامه الأول، وتُعرف طبياً باسم “ديترا”،  هذه الحالة النادرة تسبب انتشار قشور والتهابات شديدة على الجلد، وقد تُربك الأهل بسبب أعراضها السريعة والمتفاقمة، وهنا تكمن أهمية المتابعة الطبية المبكرة، إذ يساعد التشخيص السريع على العلاج وتخفيف حدة الالتهابات وتقليل المضاعفات.

ومن الحالات الأخرى التي تستقبلها العيادات أيضًا، “البُقع المنقّطة المكتسبة في الوجه والأطراف”، وهي حالة جلدية تظهر عادة في الطفولة المبكرة، مسببة بقعًا بيضاء صغيرة متفرقة، ما يثير قلق الأهل لخوفهم من ارتباطها بالبُهاق، إلا أن هذا المرض يختلف تمامًا في طبيعته ومساره، ويحتاج إلى تقييم متخصص للتفريق بينه وبين اضطرابات التصبغ الأخرى.

كما تتعامل العيادات مع مرض “انحلال البشرة الفقاعي”، وهو من الأمراض الوراثية النادرة التي تؤدي إلى هشاشة شديدة في الجلد، لدرجة أن أبسط احتكاك يمكن أن يسبب فقاعات وبثورًا مؤلمة، ويُعد هذا المرض من التحديات الطبية الكبرى، كونه يتطلب خطة علاجية طويلة الأمد للسيطرة على الأعراض وتجنب العدوى، إضافة إلى دعم نفسي للأسرة والطفل، لما يمثّله من عبء بدني وعاطفي.

وتضيف الدكتورة الدوسري، أن من بين الأمراض التي تتطلب تدخلًا متخصصًا “المورفيا” أو “تصلب الجلد الموضعي”، والذي يأتي في عدة أشكال، منها ما يؤثر في مساحات محدودة من الجلد، ومنها ما يمتد ليشمل أنسجة أعمق. وتكمن خطورته في القدرة على تشويه الجلد أو التأثير على حركة العضلات والمفاصل إن لم يتم التدخل مبكرًا.

أما مرض “كيتس فيرتيسس جيرتا” فتقول الدكتورة الدوسري، فهو من الحالات الأكثر ندرة، ويظهر في صورة أخاديد عميقة في فروة الرأس، قد تكون في بعض الأحيان علامة على وجود مشكلة أعمق في الدماغ أو مرتبطة بمتلازمات وراثية معينة، مما يجعل تشخيصه الدقيق ليس خيارًا طبيًا فحسب، بل ضرورة ملحّة لتحديد ما إذا كان هناك أمراض أخرى مصاحبة.

وفي الإطار ذاته، يبرز مرض الفطار الفُطراني، وهو أحد أشكال سرطان الجلد النادرة، التي قد تبدأ بطفح جلدي بسيط أو بقع حمراء تُشبه الأكزيما، قبل أن تتطور إلى مراحل أكثر خطورة إن لم يتم اكتشافها مبكرًا. وتعدّ هذه الحالة مثالًا صارخًا على أن بعض الأورام الجلدية لا تبدأ بمظاهر مخيفة، بل تتخفى تحت أعراض بسيطة قد يتم تجاهلها في البداية.

وتشير الدكتورة الدوسري، إلى أن الجلد مرآة صادقة لصحة الجسد، وغالبًا ما تكون العلامات الظاهرة عليه مرتبطة بمشكلات صحية في أجهزة أخرى، مثل الجهاز المناعي أو الدم أو الغدد، وقد يكون ظهور تغيرات في الأظافر أو الشعر أو الجلد مؤشرًا على وجود أمراض وراثية، أو متلازمات، أو اضطرابات في الجهاز الليمفاوي مثل اللمفوما، أو أمراض الدم كاللوكيميا، أو حتى بعض أنواع السرطان التي لا تظهر أعراضها الأولية إلا من خلال الجلد.

وتؤكد أن التشخيص الدقيق يتطلب مجموعة من الفحوصات المعملية والتصويرية، وقد يستلزم في بعض الأحيان أخذ عينات من الجلد أو إجراء فحوصات جينية، خصوصًا في الحالات الوراثية كما أن تحديد نوع المرض بدقة يساعد في اختيار العلاج المناسب، سواء كان علاجًا دوائيًا، أو تدخلًا ضوئيًا، أو علاجًا مناعيًا، أو خطة علاجية مشتركة مع تخصصات أخرى.

وتشدد الدكتورة الدوسري، على أهمية عدم تجاهل أي علامة جلدية غير طبيعية، لأن الكشف المبكر يوفر فرصًا أفضل لعلاج هذه الأمراض وتقليل مضاعفاتها، كما دعت إلى تعزيز الوعي المجتمعي حول الأمراض الجلدية النادرة، وتشجيع الأهالي على اللجوء إلى التقييم الطبي المتخصص عند ملاحظة أي تغيرات غير مألوفة في جلد أطفالهم أو في صحتهم العامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى