اخبار ثقافية

أصابع تتحدث (4): العاصفة والحصاد

أصابع تتحدث (4): العاصفة والحصاد

أ.عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس بنت المنصب

لم يطل الانتظار حتى انفجرت العاصفة. جاءت المطالبات بانتقال طلاب الدمج من المدرسة صريحة وجارحة، مدفوعة بخوف غير مبرر من بعض أولياء الأمور. ظنوا أن وجود “المختلف” يهدد استقرار “المعتاد”.

في ذلك اليوم، كان لا بد للحزم أن يكون سيد الموقف. وقفتُ أمام تلك الأصوات المعترضة، وبنبرة لا تقبل التراجع قلت ردي الذي لن أنساه:

“هذه مدرسة حكومية، مظلة للجميع.. لهم الحق في هذا المكان تماماً كما لغيرهم. أما أنتم، فمن أراد عزل ابنه عن واقع الحياة وتنوعها، فالمدارس الخاصة تفتح أبوابها، خذوه إليها!”.

كانت كلماتٍ فاصلة وضعت النقاط على الحروف. وبالفعل، تم عمل إجراءات نقل لبعض الطلاب الذين أصرّ ذووهم على المغادرة، وبقيت المدرسة تحتضن من يؤمن بأن الاختلاف رحمة والدمج حياة.

هدأت العاصفة، وبدأنا نجني ثمار الصبر.

بعد إكمال دراستهم للمرحلة التأسيسية، توجنا تلك الرحلة بملتقى مهيب في المركز الثقافي، تحت رعاية الفاضلة طفول قطن من المديرية العامة للتنمية الاجتماعية.

في ذلك اليوم، لم تتحدث الأصابع فقط، بل تحدثت الإنجازات. كان حفلاً للتاريخ؛ فقراتهم المسرحية نمّت عن ذكاء وقدرة عالية في الأداء أبكت الحضور تأثراً وفخراً. وعلى جنبات القاعة، أقيم معرضٌ يضج بالحياة؛ فخاريات شكلتها أناملهم بدقة، ورسومات نطقت بما عجزت عنه الألسن.

هناك، وسط تصفيق الحضور وانبهارهم، أدركتُ أننا لم نقم فقط بتعليمهم، بل هم من علمونا الدرس الأكبر: أن الإرادة الحقيقية هي التي تشق الصخر لتصنع منه تحفة فنية.

أ.عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس بنت المنصب 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى