ذبابيّون إلى حدّ الثمالة
ذبابيّون إلى حدّ الثمالة
أ/ آمال آل إبراهيم
في كل زمن، وفي كل ساحة، يظهر أولئك الذين لا تحرّكهم الرغبة في الإصلاح، بل لذّة الانتقاص. لا تقع أعينهم إلا على السلبيات، ولا تتوقّف أقلامهم إلا عند مواطن القصور، وكأنهم خُلقوا ليتتبعوا العثرات لا ليضيئوا الطريق.
نقدهم لا يحمل توجيهًا، ولا يسعى لتقويم، بل هو نقدٌ للنقد ذاته، فارغ من الحلول، مثقل بالأحكام. يبحثون في الماضي لا للفهم، بل للنبش، لا ليمنحوا فرصة للنمو، بل ليُبقوا الآخر أسيرًا لنسخة قديمة منه، مهما بلغ من نضج وتطوّر.
وهنا مكمن الخلل،، فالإنسان ليس صورة جامدة، بل رحلة،، ومن لا يعترف بحقّ الناس في التغيّر، لا يؤمن بالحياة ذاتها.
الذباب لا يقف إلا على مواضع التعفّن،
أما النحل فيبحث عن الزهر، ويصنع العسل.والفارق ليس في الواقع، بل في زاوية النظر، وفي نقاء الداخل.
لسنا ضد النقد، بل ضد النقد الذي يُستخدم كسلاح للتقزيم، وضد الكلمات التي تُقال لا لتُصلح، بل لتُجرح. فالكلمة مسؤولية، والموقف أمانة، والوعي الحقيقي يُقاس بقدرتنا على أن نكون عادلين قبل أن نكون قساة.
دعونا نختار أن نكون طاقاتٍ جميلة، نقدُنا يبني ولا يهدم،يُقوّم دون تشهير،
ويُنبه دون تجريح.
فالعالم مثقل بما يكفي من الضجيج،
وأحوج ما يكون اليوم إلى أصواتٍ واعية،
تعرف أن الإصلاح لا يولد من التشويه،
وأن الارتقاء لا يصنعه الحقد،
بل تصنعه القلوب النظيفة، والعقول المنصفة.