اخبار ثقافية

“صنع اللــه الذي أتقن كل شيء”

“صنع اللــه الذي أتقن كل شيء”

بقلم: حسين محمد

حين يرفع الإنسان رأسه نحو السماء، أو يُصغي إلى لجب (١) البحر، أو يشعر ببرد الريح ودفء الشمس، لا يملك إلا أن يتأمل. في كل ما حوله، من أعظم الظواهر إلى أدق التفاصيل، تظهر عظمة صانع خبير، حكيم، عليم، خلق فأبدع في الخلق، وأتقن كل شيء بإحكام بالغ.

الكون الذي حولنا لم يخلق عبث، بل نظام دقيق متوازن. الشمس لا تقترب أكثر من اللازم، ولا تبتعد حتى لا تتجمد الأرض، القمر لا يسقط، البحار لا تطغى، والرياح لا تهب دون أمر ربها.، الشمس تشرق بنظام وتغيب بنظام،

وفي كل قانون حكمة، ودلالة على خالق لا تأخذه سنة ولا نوم.

من كان يظن أن تبخر قطرة ماء من بحر في أقصى الأرض، قد يكون سببًا في حياة نبتة في أرضٍ بعيدة؟ من كان يتصور أن اصطدام تيارين، أحدهما حار والآخر بارد، يُمكن أن يُنتج عاصفة تحمل الحياة والمطر، أو رياحًا عاتية، تسبب أعاصير وأمواج طاغية كل هذا يدل على قدرة إلهية تتجاوز حدود فهمنا البشري.

 “صنع الله الذي أتقن كل شيء” (النمل: 88)

تُعد الحرارة والبرودة من أهم العوامل الطبيعية التي تُشكل التوازن في كوكب الأرض. فعند التقاء هاتين القوتين المتضادتين، تظهر ظواهر جوية وبحرية مدهشة تُدهش العلماء والباحثين منذ قرون، مثل تكوّن السحب والأمطار، أو التيارات البحرية الهائلة التي تُغيّر المناخ العالمي.

إن التقاء الحرارة بالبرودة ليس مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل هو أساس التوازن البيئي والمناخي على الأرض. فهو الذي يحدد طبيعة الطقس، (٢)

في النهاية، يبدو أن ما بين الحار والبارد ليس صراعًا، بل تعاون معقّد يحكمه التوازن. لولا الحرارة لما بدأ التبخر، ولولا البرودة لما هطل المطر. لولا التناقض بينهما، لما تكوّنت الأعاصير، ولا هبّت الرياح، ولا نشأت الأمواج. كل شيء في الطبيعة يخضع لهذا التوازن بين النقيضين، وكأن الرسالة التي تبعثها لنا الطبيعة هي: “في قلب التناقض، تكمن الحياة”.

في النهاية لا نملك إلا أن نخضع لهذه القدرة، ونردد:

“ربنا ما خلقت هذا باطلًا، سبحانك فقنا عذاب النار”  (سورة آل عمران: 191) المصدر:

(١) اللجب: صوت تلاطم أمواج البحر

(٢) إيفانوفيتش بوديكو (Mikhail I. Budyko)، اختصاصي مناخ سوفييتي (1920–2001). في كتابه الشهير “Heat Balance of the Earth’s Surface” “التوازن الحراري لسطح الأرض” الذي نُشر عام 1956.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى