اخبار ثقافية

مدرسة المشاغبين.. شرارة بناء جيل عربي متمرد!

مدرسة المشاغبين.. شرارة بناء جيل عربي متمرد!

حسين الذكر

مع بداية الالفية الثالثة بدا المعسكر الغربي المستعمر للوطن العربي يضخ تصريحات سياسية عبر ادوته الاعلامية وملفاته الثقافية تتحدث عن الالفية الجديدة التي سترافقها خطط رسم شرق اوسطي جديد.. والرسم هنا لا يقصد بالضرورة تغيير الخرائط الجغرافية المرسومة غربيا بدقة متناهية لأهداف وتوقيتات محددة.. بل يسعى لتحقيق اهداف اقتصادية وامنية وثقافية استراتيجية تؤمن وترسخ ذات المنهجية والآلية السياسية المتبعة لتامين السيطرة والاستغلال التام للمنطقة منذ الاف السنين.. هذا ما يعنيه أكثر بكثير مما يشاع عن تقسيمات دينية او مذهبية او قومية هم من صنعها ويحسنون ظرف وتوقيت استخدامها بالشكل الامثل ولا يهمهم اي منها لا من قريب ولا بعيد.

منذ نهايات سبعينات القرن المنصرم وفي الوقت الذي خفت تأثير الاغنية الطويلة والشهيرة من الحان وكلمات واداء اباطرة الغناء العربي ظهرت على الساحة الثقافية العربية نوع آخر من التأثير بعنوان (اضحك) اذ بدا عرض مسرحيات ساخرة تجعل المتابع يضحك باحلك الظروف التي يعيشها والازمات التي يعانيها لساعات متتالية بإعادة بث لمئات المرات.. كان فيه العرب يضحكون منبطحين على الظهور مما يقوم به الممثلون وهم يؤدون ادوارهم المكتوبة بسيناريو احترافي يسير لأهدافه المستبطنة بدقة متناهية وتبث عبر وسيلة هي الاكثر تاثير وسيطرة على الوعي العربي آنذاك..

بعد سنوات من الدراسة والتجربة المريرة أصبح عندي للضحك معنى مغاير.. فالكثير من النتاجات الفنية كانت تمرر بعنوان فني مع انها تحمل بصمات سلاح ناعم.

قبل الالفية الثالثة كان العرب يعانون شحة المعلومات حتى أصبح مثقفنا جاهلا امام المثقف الاوربي.. اما بعد الالفية الثالثة والاحتلال الامريكي للعراق وافغانستان أصبح العرب يعانون تدفق المعلومات بشكل منفلت مكثف بدون مضمون يته معه المتابع حد العمى والتبعية.

شكي بعض مدراء المدارس او التدريسين العرب معناتهم من سوء انضباط التلاميذ وشغبهم وعدم احترامهم للأساتذة فضلا عن بلادتهم برغم تحسن لغتهم التي سبقت عمرهم..

سمعت الشكوى بالم واحساس وانتماء عربي حد البكاء مما آل اليه الوضع التعليمي وتذكرت مسرحية مدرسة المشاغبين التي ظلت تبث لعقود كما تذكرت احترام وهيبة المعلم العربي ايام زمان كان فيها التلاميذ يهربون من اماكن لعبهم باول ظهور لمعلمهم باي مكان وفعالية يحضرون بها خارج المدرسة حياءً واحتراماً.

اليوم تغيرت المعادلات والتأثير الثقافي الموجه كله يستهدف استصغار المعلم واسقاط هيبته من خلال برامج والعاب تواصلية والكترونية تشجع على تمرد الصغار في المدرسة والبيت والشارع وتربي فيهم التنمر على القيم المجتمعية السائدة بإشكالية غدت ملموسة في دولنا العربية كافة وان اختلفت نسب التأثير.

نصحت اصدقائي بضرورة تغير اليات التعاطي مع التلاميذ. سابقا كانت منابع التربية والتعليم متعددة في الاسرة والمدرسة والمسجد والمجالس والمراكز كما ان الاباء والاجداد والاخوال والاعمام كانوا بمثابة قدوة للجيل. جميع تلك الروافد تسهم بتربية واعداد النشيء بنسب معينة ما.

اليوم يقتصر التوجيه على ملهم وقدوة ونجم افتراضي تواصلي أصبح يأكل ويشرب ويسهر وينام مع الصغار والكبار عبر الموبايل حتى سكن ورسخ في وجدان وعقل المتلقي ليكون ضحيته دون استطاعت وسائل الوعي والتعليم والردع والتوجيه التقليدية التأثير عليه..

انها مسؤولية الدولة ورجال الدين واهل الفكر والنخب المجتمعية لإعادة منحهم الدور القادر على التأثير الموازي بما يجعل التقنيات مقننة لخدمة الناس والمجتمع لا لألحاق الضرر بهم. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى