“الرطوبة أم ضباب؟”.. أستاذة مناخ توضح الفارق العلمي مع نهاية الصيف في الجزيرة العربية
“الرطوبة أم ضباب؟”.. أستاذة مناخ توضح الفارق العلمي مع نهاية الصيف في الجزيرة العربية
الاحساء / زهير بن جمعة الغزال
مع اقتراب نهاية الصيف وبدء التحوّل الموسمي في أجواء الجزيرة العربية، تزداد المشاهد الضبابية ليلاً وصباحًا في عدد من المناطق، خاصة الساحلية منها، ما يدفع كثيرين للتساؤل: هل هذا ضباب فعلاً أم مجرد رطوبة؟
أشارت الدكتورة أفنان بنت عبداللطيف الملحم، أستاذ المناخ المساعد بجامعة الملك فيصل، أن هناك ظواهر جوية ترافق نهاية الصيف، وما يُرى بالعين المجردة ليس بالضرورة ضبابًا علميًا، بل غالبًا ما يكون نتيجة لتشبع الهواء بالرطوبة، في ظاهرة تُعرف بـ”الرطوبة المشبعة” أو “الضباب الرطب”.
وأضافت أفنان بنت عبداللطيف الملحم، أن نهاية فصل الصيف في الجزيرة العربية، خاصة في المناطق الساحلية، تشهد تغيرات جوية ملحوظة يتصدرها ارتفاع كبير في معدلات الرطوبة وظهور مشاهد ضبابية قد تثير التباسًا في فهمها العلمي بين الرطوبة المشبعة والضباب الحقيقي.
وقالت د. الملحم، إن كثيرًا مما يُشاهد أو يُتداول على أنه “ضباب” خلال ليالي أغسطس وسبتمبر هو في الحقيقة نتيجة رطوبة عالية في الهواء قد تتجاوز نسبتها 90 إلى 95%، مما يؤدي إلى تشكل ما يُعرف بـ “الضباب الرطب” أو “الرطوبة الثقيلة”، وهو ليس ضبابًا بالمفهوم العلمي الدقيق.
وأوضحت أن الضباب الحقيقي، بحسب التعريف العلمي، يتكون عندما تنخفض الرؤية الأفقية إلى أقل من 1000 متر نتيجة تكاثف بخار الماء على شكل قطرات دقيقة جداً معلقة في الهواء، في حين أن الرطوبة المشبعة تخلق فقط طبقة من “الشحوب” في الأجواء بسبب قرب الهواء من درجة التشبّع، دون تكوّن قطرات ضبابية واضحة.
وبيّنت د. الملحم أن هذه الظواهر تظهر بوضوح في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من المملكة، إلى جانب دول الخليج العربي، حيث تلعب حرارة البحر المخزنة طوال الصيف دورًا رئيسيًا في تغذية طبقات الجو السفلى بالرطوبة مع نسيم الليل. وأضافت أن هذه الحالة تزداد وضوحًا خلال شهري سبتمبر وأكتوبر، حيث تظل الليالي دافئة، ما يُسهم في تعميق ظاهرة “الرطوبة الثقيلة”.
ونبّهت د. الملحم إلى أهمية توعية المجتمع بالفروق العلمية بين الضباب والرطوبة المشبعة، خاصة عند متابعة النشرات الجوية. وأشارت إلى أن “التمييز بين ما هو ضباب فعلي وما هو مجرد رطوبة عالية يساعد على الفهم الصحيح للأحوال الجوية، وتجنّب الالتباس الذي قد ينعكس على الصحة أو حركة التنقل”.
وأضافت: “لظواهر نهاية الصيف الجوية آثار ملموسة، حيث يواجه بعض الأفراد، خصوصًا مرضى الجهاز التنفسي، صعوبة في التنفس ليلاً نتيجة ارتفاع تركيز بخار الماء. كما قد تؤدي الرؤية الضبابية، حتى إن لم تكن ضبابًا حقيقيًا، إلى تحديات في القيادة، خاصة في ساعات الليل المتأخرة أو الصباح الباكر”.
واختتمت د. أفنان الملحم، بالتأكيد على أن هذه الظواهر تُعد مؤشرات طبيعية على التحول التدريجي نحو فصل الخريف، قائلة: “ما نرصده من رطوبة مرتفعة ومشاهد ضبابية مع نهاية الصيف هو جزء من دورة مناخ الجزيرة العربية، ويمهّد الطريق لقدوم موسم أكثر اعتدالًا، حيث تبدأ الأجواء في التخلي عن ثقل الصيف لصالح نسمات الخريف المنتظرة”.