اخبار ثقافية

مِنْ “علوّ” المعنى تكتب نسرين مسن: بين حجر صالح وكدميت…أين يقف الإنسان؟

مِنْ “علوّ” المعنى تكتب نسرين مسن: بين حجر صالح وكدميت…أين يقف الإنسان؟

إعداد وحوار: القسم الثقافي بمبادرة إثراء الثقافية.

في فسحة من التأمل والسرد التقينا على هامش ملتقى الكتاب بصلالة ٢٠٢٥م الذي أقيم بمجمع السلطان قابوس للثقافة مع الكاتبة العُمانية نسرين مسن الكثيري، صاحبة النوفيلّا المميزة “مِنْ عُلوٍّ” التي صدرت مؤخرًا عن دار نشر بورصة الكتب، الكاتبة التي لفتت الأنظار بأسلوبها الرمزي ولغتها العميقة، وكانت فرصة للحديث عن الكتاب والمغزى، والأسئلة التي تطرحها الكاتبة على القراء… وربما على نفسها أولاً.

س: بداية، نود أن نسألك عن العنوان اللافت… لماذا “من عُلو”؟ وماذا يمثل “حجر صالح” و”كدميت”؟

نسرين:

العنوان ليس مجازاً بل هو زاوية الرؤية التي أردت أن يطل القارئ منها على عالم ذو ملامح حقيقية وتضاريس ثابتة “من عُلو” هي الحالة التي يُدرك بها الإنسان جوهره بعد أن يترفع ويرتفع متأملا من مسافة إنسانية متعقلة. أما “حجر صالح” فهو رمز للبحث عن شيء ما بدواخلنا، بحث عن معاني الوجود المتأصلة رغم كل انهاكات الواقع، بينما “كدميت” فهي تمثل تلك الموروثات الواهمة، والحقائق المضمرة والمعاناة التي لا يرافقها إنصاف، ولا يثمر عنها اعتراف هما طرفا معادلة نحياها يوميًا.

س: تميزت النوفيلا بلغتها المتأملة البطيئة، ما بين الشعر والسرد… هل هذه سمة مقصودة؟

نسرين:

نعم، أنا أؤمن أن اللغة ليست أداة لنقل الحدث فقط، بل هي جزء من المعنى، أردت أن تكون الجمل مُحمّلة بشيء من البطء، لأن التأمل لا يُستعجل اللغة في “من عُلو” تنزف كما تنطق، هي ذاكرة تؤرخ ووجع يصدر.

س: هل نجد في شخصيات “من عُلو” ما يعكس تجربة شخصية؟ أم هي محض تخييل؟

نسرين:

هي مزيج من تجارب إنسانية فأنا لا أكتب عن نفسي مباشرة، ولكني أضع وجع تخيلي في كل شخصية، ول شك ان هناك نساء في الرواية يشبهن نساء من الذاكرة، وهناك رجال يُجسّدون الخيبة كما عشناها في الصمت، فأنا أنقش ملامحهم من قصصي.

س: برأيك، ما الدور الذي يلعبه الأدب اليوم في عالم يضج بالصوت والصورة؟

نسرين:

الأدب ليس في سباق مع الضجيج، بل هو مقاومة ناعمة في زمن السرعة وتأتي الكتابة ببطء لتُذكّرنا أن في العمق متسعًا لمعاني كثيرة.

 “من عُلو” هي دعوة للتوقّف، وللنظر إلى عمق الواقع، ليس فقط إلى ضحالة سطحه.

س: هل تؤمنين أن النص يمكن أن يغير شيئًا في القارئ؟

نسرين:

لا أكتب لأغير الواقع بسرعة بل لألامسه إن تأثّر قارئٌ واحد وتوقّف قليلًا أمام نفسه بعد قراءة نص لي، فأنا حققت أكثر مما أرجو.

س: أخيرًا ما الذي تنتظرينه من هذا الإصدار؟ وماذا بعد “من عُلو”؟

نسرين:

لا أنتظر سوى أن تجد النوفيلا طريقها إلى القلوب المتلهفة مثلها. أما بعد “من عُلو”، فربما “من علو آخر ” أو “من عمق”، أو “من رماد”، فالأفكار لا تنضب… فقط تنتظر لحظة الصدق.

مع نسرين مسن، لا تنتهي الأسئلة، بل تبدأ “من عُلو” ليست فقط عنوانًا لرواية، بل لزاوية رؤيتها للحياة، وللإنسان، وللمعنى، وهي صوت نسوي حالم، لكنّه يقف على أرض من حبر ورمل

وصوت أتى من علوٍّ …ليُسمع. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى