اخبار ثقافية

حين يُقزَّم أبناؤنا.. وتُستورد الكفاءات”

حين يُقزَّم أبناؤنا.. وتُستورد الكفاءات”

كتب / آمال آل إبراهيم

، تحت مظلة “تمكين الشباب”، وفي زحمة الشعارات الوطنية نقف اليوم أمام أساليب مؤلمة تمس صميم التنمية المحلية والعدالة المجتمعية: اغفال ولربما تغييب أبناء المحافظة، وتفضيل الأيدي القادمة من خارجها، حتى في أبسط الفرص التي كان من الأولى أن تكون لأبنائها.

كم هو مؤسف أن نرى شبابًا يمتلكون من الوعي، والحماس، والتأهيل الأكاديمي، والطموح، والرغبة في خدمة مجتمعهم، يُقصَون جانبًا تحت ذرائع “قلة الخبرة” أو “عدم النضج الوظيفي”، بينما تُفتح الأبواب واسعة لغيرهم، ممن قد لا يملكون السياق، ولا الارتباط، ولا حتى الحرص ذاته على نجاح التجربة أو المشروع.

الأشد مرارة، هو حين يتحوّل بعض المسؤولين، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، إلى عوائق لا جسور، يرون في شباب محافظتهم خطرًا على مكتسباتهم الشخصية، أو يرونهم ناقصي جدارة، دون حتى منحهم الفرصة لإثبات العكس. هؤلاء لا يكتفون بعدم الدعم، بل يساهمون في “تقزيم” الطاقات، وتحطيم الطموحات، وتشكيل صورة نمطية قاتمة عن كفاءاتنا المحلية.

فكيف نبني محافظة قوية، ومزدهرة، ومستدامة، إن كنا لا نؤمن أولًا بأبنائها؟

وكيف نطالب الشباب بالإبداع والانخراط والتضحية، بينما نجردهم من الثقة، ونحولهم إلى مجرد مشاهدين في مشاريع تنموية تُنفذ على أرضهم، دون صوت لهم فيها ولا مشاركة؟

إن التنمية الحقيقية ليست فقط بناء منشآت، بل بناء إنسان.

والتمكين لا يكون بدورات تدريبية فقط، بل بإعطاء الفرص الفعلية، وتحمل الشباب لمسؤولياتهم، حتى يخوضوا التجربة، ويخطئوا ويتعلموا، ويتحولوا من “متدربين” إلى “قادة”.

ولا ننسى أن من نأتي بهم من خارج المحافظة، مهما كانت خبراتهم، سيبقون غرباء عن التفاصيل، وعن هموم الناس، وعن نبض المجتمع، لأنهم لم ينشأوا فيه، ولم يعايشوا تحدياته.

لسنا ضد الاستفادة من الخبرات الوطنية أينما كانت، ولكننا ضد أن يتحوّل شبابنا إلى ظل، وخلف الكواليس، بينما يُرفع شأن من لا يعرف عن واقعنا شيئًا.

نحن نطالب بعدالة الفرص، لا احتكارها. نطالب بتمكين حقيقي، لا تمكين شكلي.

نطالب بمسؤولين يعززون الثقة، لا يقتلونها. وبمؤسسات تؤمن أن تنمية المكان لا تكتمل إلا بأهله.

دعونا نعيد النظر، ونسأل أنفسنا بصراحة:

كم مشروعًا فشل لأنه لم يُنفذ بأيدٍ تعرف الأرض؟

وكم شابًا موهوبًا سافر بحثًا عن فرصة، لأنه لم يُعطها هنا؟

إن أبناء المحافظة هم أحق الناس بخدمتها، إن أُحسن إعدادهم وأُعطوا الثقة. فدعونا نكفّ عن التقزيم، ونبدأ فعليًا في البناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى