وجوه متقلبة… ونفوس مريضة
وجوه متقلبة… ونفوس مريضة
بقلم / أ – آمال آل إبراهيم
أصعب ما يواجهك في تعاملات البشر ليس الجفاء الواضح ولا حتى العداء الصريح… بل ذاك الوجه المتقلب الذي لا تدري أي نسخة منه ستقابلك اليوم.
شخص تراه يومًا يبتسم لك وكأنك أعز أصدقائه، ثم تجده غدًا يشيح بوجهه وكأن معرفتك به كانت وهماً. يسلم عليك في محفل وكأنما جرّ نفسه جرًّا، فقط لأن المكان جمعكما، لا لأن القلب جمعكما.
والأدهى… أن تكون قد عرفت هذا الشخص معرفة العِشرة، وأهديته من وقتك وجهدك وربما أسديت له معروفًا، ثم تجده يتعامل وكأن ميزان الوفاء عنده لا يعمل إلا حسب مصلحته اللحظية.
أيُّ نفوس هذه التي تتلوّن كل صباح بلون جديد؟ وأيُّ قلوب هذه التي لا تعرف الثبات على المودة ولا تحافظ على جميل العِشرة؟
قال رسول الله ﷺ: «إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا»، فالأخلاق ليست لحظة مجاملة عابرة، بل هي استقامة في التعامل وثبات على المودة.
التقلب في المعاملة مرض، ومرض القلوب أخطر من مرض الأبدان. فالمريض جسديًا قد يؤذي نفسه، أما المريض أخلاقيًا فقد يؤذي نفسه ومن حوله ويهدم جسور الثقة التي بُنيت على مدار السنين.
إن الدين المعاملة… وما أكثر من يرفع هذه العبارة شعارًا بينما يمارس في حياته عكسها تمامًا. الثبات على المودة، حفظ الجميل، وصدق الشعور… ليست رفاهيات اجتماعية، بل واجبات دينية وأخلاقية.
ومن لم يحافظ على هذه المعاني، فمهما أجاد الحديث أو أظهر الابتسامات، ستفضحه مواقفه.
فليكن معيارنا مع الناس: الثبات لا التقلّب، الوفاء لا التنكّر، والصدق لا التمثيل. لأن القلوب لا تنسى من أحبها بصدق، ولا تغفر لمن باعها بأبخس الأثمان