اخبار ثقافية

مهرجان السينما الخليجية بمسقط…  حلمُ الشاشة الذي كبر معنا وأصبح واقعًا

مهرجان السينما الخليجية بمسقط…  حلمُ الشاشة الذي كبر معنا وأصبح واقعًا

بقلم: أحمد معروف اليافعي

في عالم تتسارع فيه التحولات التقنية، من الذكاء الاصطناعي إلى المنصّات الرقمية التي اختصرت المسافات وجعلت العالم في متناول اليد، تبقى السينما رغم كل هذا التطور أول نافذة فتحناها على العالم، وأول جسر حملنا إلى ثقافات وحكايات وتجارب لا تنتهي.

منذ بدايات الوعي، جمعتنا شاشة التلفزيون في ثمانينيات وتسعينيات ضمن سهرات أسبوعية نترقّبها بشغف.

كنا ننتظر فيلم الجمعة أو السبت الذي يأخذنا إلى عوالم جديدة، نتعرّف من خلاله على لغات ولهجات وشعوب ومشاهد لم نكن نعرفها إلا عبر تلك الشاشة الصغيرة.

وبرغم بساطة الإمكانيات آنذاك، كانت السينما مدرسة كاملة؛ تُعلّم، وتُدهش،وتوسّع المدارك عبر القصة والتمثيل والأزياء والموسيقى والصورة. كنا، ونحن أطفال، نذهب إلى دور السينما بعيون مبهورة لا تنسى لحظة دخول الغرفة المظلمة ولا رهبة الشاشة الكبيرة ولا تفاعل الجمهور من ضحكٍ وخوفٍ ودهشة. تلك اللحظات صنعت داخلنا حبًّا حقيقيًا للسينما.

تعلّمنا الإنجليزية والهندية ولغات ولهجات أخرى عبر الأفلام، وتأثرنا بنجوم الأكشن والدراما والرومانسية. أسرنا مايكل جاكسون بحضوره وأدائه، وأبهرنا جاكي شان بمزيجه من الحركة والكوميديا. وعلى الجانب العربي، غذّت مشاعرنا أعمال فاتن حمامة وعمر الشريف والمخرج الكبير يوسف شاهين وعبدالحليم حافظ بصوته الرومانسي الخالد. جميعهم شكّلوا ذاكرة فنية لا تُنسى.

واليوم، ونحن نرى النجاح الواسع الذي حققته السينما والمسلسلات التركية وتأثيرها العميق في المشاهد العربي، ندرك أن الخليج يمتلك المقوّمات ذاتها بل أكثر لصناعة سينما مؤثرة.

فلدينا القصص، ولدينا المواهب، ولدينا القدرة إذا توحّدت الجهود. فالاتحاد بين شركات الإنتاج، وتمكين المواهب الشابة، والاستفادة من الخبرات والتقنيات الحديثة، يمكن أن يفتح بابًا واسعًا لولادة سينما خليجية تعكس هويتنا وتروي قصصنا بعمق وتميّز.

ومع اقتراب موعد مهرجان السينما الخليجية في مسقط خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر 2025، يتعزز الشعور بالفخر باستضافة هذا الحدث المهم في سلطنة عُمان، وتحديدًا في مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض. المهرجان فرصة للتعرّف على أحدث إنتاجات الخليج السينمائية، والاستفادة من الورش والندوات واللقاءات التي ترافق فعالياته.

كل التحية والتقدير للقائمين على هذا الحدث، وفي مقدمتهم

وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة، سعادة السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي،

ومدير عام مساعد للفنون إبراهيم بني عرابة، إلى جانب رائع سعيد شنؤن رئيس قسم التقنيات الفنية والفنان سعود الخنجري في التنسق مع فريق دائرة الفنون بوزارة الذين بذلوا جهودًا كبيرة لإنجاح هذا المهرجان.

إن السينما الخليجية اليوم أمام فرصة تاريخية لتصحيح المسار، وزيادة الإنتاج، وتعزيز الجرأة الإبداعية ومواكبة التطور التقني العالمي. العالم يشاهد ويُقدّر الفن الجميل، وما علينا إلا تقديم أعمال تليق بتراثنا وثقافتنا وقيمنا.

نعم.. نستطيع أن نجعل السينما الخليجية أقوى وأجمل وقادرة على الوصول إلى أبعد مدى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى