تنمية القيم والأخلاق وبناء جيل واعٍ عبر المراكز الرياضية

تنمية القيم والأخلاق وبناء جيل واعٍ عبر المراكز الرياضية

بقلم: ماستر نجم خميس مجزح
مدرب متخصص في تعليم مهارات الدفاع عن النفس وتنمية شخصية المتدرب
تزايدت في الآونة الأخيرة شكاوى بعض أولياء الأمور والتربويين بشأن سلوكيات بعض الطلاب داخل المدارس، مثل التنمر والعنف اللفظي والجسدي، نتيجة تأثر الأبناء بما يشاهدونه عبر منصات التواصل الاجتماعي من محتويات تحضّ على العنف والسلوك غير الأخلاقي. ورغم الجهود التي تبذلها المؤسسات التعليمية لمعالجة هذه المشكلات، يبقى دور الأسرة عنصرًا محوريًا في تأسيس التربية السليمة منذ الصغر.
ومن هنا تبرز أهمية توجيه الأبناء نحو الالتزام بالصلاة والتمسك بالأخلاق الحميدة، وتعويدهم على الأعمال التطوعية، لما في ذلك من أثر كبير في تهذيب النفس ورسم طريق صحيح لمستقبلهم.
وفي هذا الصدد، تلعب مراكز التدريب المتخصصة في الفنون القتالية والدفاع عن النفس دورًا كبيرًا في تعزيز التربية الأخلاقية والسلوكية، فهي ليست مجرد أماكن لممارسة الرياضة، بل بيئات تربوية متكاملة تُغرس فيها قيم الانضباط، احترام الآخرين، ضبط النفس، الروح الرياضية، والثقة بالنفس. فالطفل الذي يتعلم مبادئ الفنون القتالية الصحيحة ينشأ على القوة المقترنة بالأخلاق، ويدرك أن الشجاعة الحقيقية تكمن في السيطرة على الغضب وتجنب إيذاء الآخرين.
كما سوف يلمس أولياء الأمور التحولات الإيجابية التي تظهر على أبنائهم بعد انخراطهم في مثل هذه البرامج التدريبية، سواء فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي، أو تحسين سلوكياتهم الاجتماعية، أو تحملهم للمسؤولية.
فهذه الرياضات تشكل قاعدة أساسية في بناء شخصية متوازنة وواعية وقادرة على اتخاذ القرارات السليمة والتفاعل الإيجابي مع المجتمع، إلى جانب تعزيز روح الانتماء للوطن والإسهام في نهضته.
ونحن في مراكز التدريب الرياضي نعمل باستمرار على ترسيخ هذه القيم في منتسبي الأكاديمية، من خلال مشاركتهم في الأنشطة التطوعية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني، وغرس أهمية الخدمة المجتمعية في نفوسهم. وتشمل هذه المبادرات المساهمة في إفطار الصائم خلال شهر رمضان المبارك، وتنظيف الشواطئ والمرافق العامة، وزيارة المرضى في المستشفيات ومرضى الأطفال وتقديم الهدايا التي تسعدهم، وغيرها من الأنشطة التي تبهج النفس وتربي الطفل على مكارم الأخلاق ليكون فردًا صالحًا في مجتمعه.
إن رسالتي اليوم موجّهة لكل ولي أمر وكل غيور على مستقبل هذا الوطن: إن أفضل ما تقدّمونه لأبنائكم هو غرس الأخلاق والإيمان وحب الخير في نفوسهم. شجعوهم على الانضمام إلى المراكز الرياضية التي تهتم بالتنشئة السليمة، وكونوا قريبين منهم في كل خطوة، فالمجتمع بحاجة إلى جيل واعٍ، قوي الإرادة، محب للخير، يسهم في بناء مستقبل مشرق لأسرته ووطنه.
وبتكاتف الأسرة والمدرسة والمؤسسات الرياضية والمجتمعية، سنتمكن بإذن الله من إعداد جيل يفاخر به الوطن، يحمل القيم العُمانية الأصيلة، ويجسد حقيقة المواطن الصالح المسؤول عن ذاته والمحب لوطنه.



