العلاقات بالمودة لا بالمدة✨
العلاقات بالمودة لا بالمدة✨
أ.عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس
غالبًا ما نميل إلى قياس علاقاتنا مع الآخرين بالمدة التي قضيناها معهم، معتقدين أن طول العلاقة يعكس عمقها. لكن الحقيقة أن العلاقات الإنسانية الحقيقية لا تُقاس بالزمن، بل بالمودة والصدق والأمان في المواقف. قال الله تعالى:
«وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» (التوبة: 71)
كما جاء في الحديث الشريف:
«المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» (متفق عليه)
وورد أيضًا عن النبي ﷺ: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف».
فهذه النصوص توضح أن العلاقة الحقيقية تقوم على المودة والتآلف والدعم المتبادل، وليس على مجرد السنوات التي قضيناها مع الشخص.
هناك مثل شائع يقول: “هناك من تشيله في عيونك لكنه يعميك”. كثيرون يظنون أن معرفتهم الطويلة لأشخاص تجعلهم يعرفون جوهرهم، لكن الواقع يظهر أحيانًا عكس ذلك. المواقف هي التي تكشف أمان الإنسان وإخلاصه وتعاونه، لا مجرد الذكريات أو الزمن الطويل. قال الله تعالى:
«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ» (التوبة: 119)
العبرة إذًا ليست في طول العلاقة، بل في جودة المودة وصدقها. الشخص الذي يقدّر الآخرين ويحميهم ويقف معهم في المواقف الصعبة، هو من تستحق العلاقة معه الاستمرار. أما من يخيّب ظنك رغم معرفتك الطويلة له، فالابتعاد عنه خير لحماية نفسك وراحة قلبك.
في النهاية، العلاقات الإنسانية تُقاس بالأفعال والمواقف، لا بالسنوات وحدها، والمودة والصدق هما ميزان كل علاقة ناجحة. قال النبي ﷺ:
«لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (رواه البخاري ومسلم)
فلنجعل المودة والصدق معيارنا في بناء علاقاتنا، ولنمنح الثقة لمن يستحقها، ونبتعد عن خيبات الأمل الناتجة عن توقعات غير واقعية. بهذا نهتدي إلى علاقات حقيقية قائمة على الخير والصلاح، تعكس جوهر الإنسان ومصداقيته
أ.عائشة بنت عمر بن حسن العيدروس