اخبار ثقافية

قصة وجع في يوم فرح… هل ندرك الرسالة؟

قصة وجع في يوم فرح… هل ندرك الرسالة؟

بقلم: أحمد معروف اليافعي

في الوقت الذي كان الوطن يستعد للاحتفال بذكرى مجده وعزه، جاءت مأساة صادمة لتخترق الفرح وتكشف لنا وجهاً آخر للواقع. أسرة عمانية ترحل دون سبب واضح… فقط لأنها أرادت حياة كريمة، لكنها لم تجد من يسمع نبضها قبل أن يتوقف.

هذه الحادثة لم تكن مجرد خبر عابر ولا حادثة فردية؛ كانت جرس إنذار مؤلم يطرق أبواب ضمائرنا جميعًا حكومة وشعبًاليقول إن هناك خللًا لا يمكن تجاهله بعد اليوم. خلل في منظومة الواجب، في منظومة المسؤولية،وفي منظومة الرحمة التي لطالما كانت جزءًا أصيلاً من شخصية العماني.

لقد هزّنا هذا الرحيل، لأن ما خفي قد يكون أعظم. وما نراه اليوم من مأساة قد يتكرر بصور أخرى ونحن لا نعلم. فالإنسان العماني، المعروف بنخوته وتعاونه، بدأ يفقد شيئًا من تلك القيم أمام صراع الحياة، وأمام اللهاث وراء الكسب، حتى أصبحت الذات أهم من الجماعة، والمصلحة الخاصة أهم من الواجب الوطني والإنساني.

إن المشكلة ليست في مسؤول واحد أو جهة واحدة. المشكلة في سلسلة متصلة تبدأ من الأسرة، الجار، الزميل، الموظف،المسؤول

لو أن كل فرد أدى واجبه كما يجب الوالي في ولايته، نائب الوالي في متابعته، المدير في أمانته، الموظف في دوره، التاجر في عطائه، والمواطن في مبادرته لما وصلنا إلى هذا المشهد الحزين.

لقد أصبحت بعض المؤسسات تهتم بالمظاهر أكثر من الجوهر، وبعض المسؤولين يقدمون أنفسهم على وطنهم، ويغيب عنهم أن المنصب تكليف لا تشريف. عندما تُهمَل مشكلات الناس، وتتراكم الصغائر لتصبح كوارث، ندرك أننا أضعنا الطريق الصحيح.

نحن اليوم في عهد الازدهار والخير، في عهد جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله، ولا يليق بعُمان 2025 أن تشهد حالات وفاة بلا سبب،أو تقصير يؤدي إلى مأساة تهز وطنًا بأكمله. نحن بلد الخير والأمان…بلد يستحق أن يكون أفضل من ذلك بكثير.

إن هذه القصة المؤلمة يجب ألا تُنسى. يجب أن تكون بداية وقفة وطنية صادقة نقول فيها:

لا للفساد.

لا للتقاعس.

لا للإهمال.

لا للعقول التي طالها الجمود.

لا للنماذج التي تتزين بالكلام وتغيب عن الفعل.

نريد مسؤولين شرفاء، وموظفين مخلصين، وتجارًا يتقون الله، ومواطنين يشعرون أن كل ضعف يُترك بلا مساعدة هو وصمة في جبين الجميع.

نريد وطنًا يحتضن أبناءه ولا يخذلهم.

وطنًا يعيد الاعتبار للإنسان قبل الحجر، للروح قبل الإنجاز.

القصة ليست قصة وفاة… بل قصة رسالة.

فهل ندركها قبل أن تتكرر؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى