اخبار ثقافية

( إن التعاون أول خطوات النجاح )

( إن التعاون أول خطوات النجاح )

بقلم : محمد بن العبد مسن

عزيزي القارئ..

محمد-مسن ( إن التعاون أول خطوات النجاح )

إن الحديث عن التعاون وأهميته وفضائله يحتاج إلى صفحات طويلة تُملأ بكل ما هو جميل؛ فالتعاون الحسن يعد دعامة أساسية في حياة الأفراد والمجتمعات ويخلق الاحترام والمودة بين الجميع، وثوابه سيُنال في الحياة الدنيا وفي الحياة الآخرة أيضًا، فهنيئًا لمن يسير في حياته ناشرًا للخير والمحبة والألفة في كل مكان، ويسعى جاهدًا للعطاء ومساندة كل من يحتاج إلى المساندة والمساعدة ليجعل لحياته ولمجتمعه قيمة رفيعة.

فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«إذا أرادَ اللَّهُ بِعَبدٍ خَيراً استَعمَلَهُ عَلى‏ قَضاءِ حَوائِجِ النّاسِ»، وعنه صلى اللّه عليه وسلم قال: «إذا أرادَ اللّهُ بِعَبدٍ خَيراً صَيَّرَ حَوائِجَ النّاسِ إلَيهِ».

لهذا أخي العزيز..

يسرني في مقالي هذا أن أذكر لكم  قصة رائعة عن قضاء حوائج الناس.

يقال أنه كان هناك شخصين في صالة المطار ينتظرون موعد إقلاع الطائرة ، وذلك بعد أدائهم فريضة الحج ، وكان أحدهم يدعى سعيد وكان بجانبه شخص اخر، لا يعرفان بعضهما ،فسلم سعيد على الذي بجانبه وبدئ الحديث بينهما ، حتى قال الرجل لسعيد :

ما أسمك؟

أجاب سعيد : أنا الدكتور سعيد

 فقال الرجل مبتسمًا:

والله يا دكتور سعيد انا اعمل مقاولاً وقد رزقني الله من فضله وفزت بمناقصة أعتبرها صفقة العمر وقد قررت ان يكون أداء فريضة الحج للمرة العاشرة أول ما أفعله شكرًا لله ، ثم أردف قائلًا وها انا أحج للمرة العاشرة والحمد الله.

أومأ سعيد برأسه وقال :

 حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً إن شاء الله.

رد الرجل وقال :

اجمعين يارب.

ثم قال وأنت يا دكتور سعيد أخبرني كم مره حجيت ؟

أجاب الدكتور سعيد بعد تردد :

والله يا أخي هذه المره الأولى ولها قصة طويلة ولا أريد أن أوجع رأسك بها.

ضحك الرجل وقال :

بالله عليك اخبرني فكما ترى نحن لا نفعل شيئا سوى الانتظار هنا .

ضحك سعيد وقال :

نعم صدقت فالانتظار هو سبب قدومي إلى هنا.

أستغرب الرجل فقال : كيف .. لم أفهم ؟

فقال الدكتور سعيد: انتظرت سنين طويلة حتى أحج بيت الله ، وكان هذا هدفي الأساسي من هذه الحياة ، فمنذ أن تخرجت معالجاً فيزيائيا قبل 30 سنة حتى جمعت كلفة أداء الحج وفي نفس اليوم الذي ذهبت لأخذ حسابي من المستشفى التي أعمل فيها ،صادفت إحدى الامهات التي أعالج أبنها المشلول وقد كسا وجهها الهم والغم ،وقالت لي أستودعك الله يا دكتور سعيد فهذه آخر زيارة لنا لهذا المستشفى ,استغربت كلامها !! وحسبت أنها غير راضية عن علاجي لأبنها وتفكر في نقله لمكان آخر .

فقالت لي يشهد الله أنك كنت لابني أحن من الأب وقد ساعده علاجك كثيراً بعد ما كنا قد فقدنا الأمل به .

ثم أكملت مسيرها والحزن يظهر بوجهها !!!

أستغرب الرجل وقاطع سعيد قائلا :

غريبة , طيب اذا كانت راضية عن أدائك و أبنها يتحسن فلماذا تركت العلاج ؟؟

أجابه سعيد :

هذا ما فكرت به وشغل بالي فذهبت الى الإدارة وسألت فكان الجواب ؛ أن زوج المرأة فَقَدَ وظيفته وأصبح الحال صعبا جداً .

ولم تعد تستطيع دفع تكاليف العلاج فقررت إيقافه .

حزن الرجل وقال :

لاحول ولا قوة الا بالله , مسكينة هذه المرأة ، وكيف تصرفت يا دكتور سعيد ؟

أجاب الدكتور سعيد :

ذهبت فورًا إلى المدير ورجوته أن يستمر بعلاج الصبي على نفقة المستشفى ولكنه رفض رفضاً قاطعاً وقال لي: هل يقربون لك أو من جيرانك ؟

قال الدكتور سعيد: لا فقط كنت أريد مساعدتهم .

قال المدير: إن هذه مؤسسة خاصة تبتغي الربح وليست مؤسسة خيرية للفقراء والمساكين .

أكمل الدكتور سعيد قائلا : خرجت من مكتب المدير حزين مكسور الخاطر على المرأة ، وفجأة وضعت يدي لا إرادياً على جيبي الذي فيه نقود الحج ،فتسمرت في مكاني لحظة ثم رفعت رأسي إلى السماء وخاطبت ربي صامتًا في قلبي قائلا :

اللهم أنت تعلم بمكنون نفسي وتعلم أن ليس أحب الى قلبي من حج بيتك وزيارة مسجد نبيك وقد سعيت لذلك طوال عمري ولكني الآن مضطر لأن أتأخر عن ميعادي معك فأغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم .

وذهبت الى المحاسب ودفعت كل ما معي لعلاج الصبي لستة أشهر مقدماً وتوسلت إليه أن يقول للمرآة بأن المستشفى لديه ميزانية خاصة للحالات المشابهة .

تأثر الرجل و دمعت عين الرجل وقال :

 بارك الله بك وأكثر من أمثالك، ثم قال اذا كنت قد تبرعت بمالك كله فكيف حججت إذاً؟

أبتسم الدكتور سعيد وقال :

لقد رجعت يومها الى بيتي حزيناً على ضياع فرصة عمري في الحج ، ولكني الفرح يملأ روحي لأني فرجت كربة المرأة وابنها، فنمت ليلتها ودمعتي على خدي فرأيت في المنام أنني اطوف حول الكعبة والناس يسلمون علي ويقولون لي حجا مبرورا يا حاج سعيد فقد حججت في السماء قبل ان تحج على الارض , دعواتك لنا يا حاج سعيد ، فاستيقظت من النوم وانا احس بسعادة غير طبيعية على الرغم من أنني كنت شبه متأكد أنني لن أتشرف يومًا بلقب حاج , فحمدت الله على كل شيء ورضيت بأمره .

وما أن أشرقت الشمس حتى رن الهاتف فإذا بمدير المستشفى على الهاتف و قال لي : أنجدني يا دكتور سعيد .

قلت أبشر هل هناك مريض يحتاج العلاج العاجل؟؟

قال المدير : لا.. لا.. بل أتصل بي أحد كبار رجال الاعمال يريد الذهاب الى الحج هذا العام وهو كبير السن و لا يذهب دون معالجة الخاص ولكن زوجة معالجهُ في أيام حملها الأخيرة ولا يستطيع تركها فهلا أسديتني خدمة وتذهبت بدلا عن المعالج ؟

قلت له بلهفة :

– نعم نعم ولكن هل سيسمح لي أن أحج ؟

فأجابني نعم ولما ﻻ ¡¡

 فقلت له إذًا أبلغه إنني سأذهب معه ودون أي مقابل مادي .

وكما ترى فقد حججت وأحمد الله الذي رزقني حج بيته دون حول مني ولا قوة وفوق ذلك فقد أصر الرجل على إعطائي مكافئة مجزية لرضاه عن خدمتي له وحكيت له عن قصة المرأة المسكينة فأمر بان يعالج أبنها في المستشفى على نفقته الخاصة وأمر أيضًا أن يكون في المستشفى صندوق خاص لعلاج الفقراء وفوق ذلك فقد عين زوجها بوظيفة في إحدى شركاته .

نهض الرجل وقبل الدكتور سعيد على جبينه وقال :

والله لم اشعر في حياتي بالخجل مثلما أشعر  به الان فقد كنت أحج المرة تلو الاخرى وانا أحسب نفسي قد أنجزت شيئا عظيما ولكني أدركت لتوي أن حجك بألف حج من أمثالي فقد ذهبت أنا الى بيت الله بينما أنت فقد دعاك الله الى بيته.

ومضى الرجل وهو يردد ((تقبل الله منك يا دكتور سعيد ، تقبل الله منك يا دكتور سعيد)).

أخي الكريم أحرص على أن تكون ذلك الشخص المتعاون الذي يُحب الخير للجميع، كَمَن أشار إليهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف حيث قال: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّىّ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى