اخبار ثقافية

“الزواج بداية حياة.. لا حفرة دين”

“الزواج بداية حياة.. لا حفرة دين”

كتب / آمال آل إبراهيم

لقد بات لزامًا أن نعيد النظر في ممارساتنا الاجتماعية، في ظل التغيرات المتسارعة والتقلبات الاقتصادية التي أثقلت كاهل الفرد والأسرة، خصوصًا تلك التي ترتبط بمحطات الحياة الكبرى كـ”الزواج”. ما كان يُعد سابقًا مظهرًا للفرح والبهجة، تحوّل اليوم ـ بغير قصد ـ إلى عبء نفسي ومادي، ليس على العروسين فقط، بل حتى على الأهل والمقربين والحضور.

لقد آن الأوان أن نتحرر من سطوة العادات التي لم تعد تتناسب مع الواقع، وأن نعيد تعريف الفرح على نحو أكثر واقعية ورحمة. فليس من العقل، ولا من الدين، أن يبدأ شاب حياته غارقًا في ديون قد تمتد لعشر سنوات أو أكثر، فقط لأنه أراد أن يُرضي التقاليد ويُرضي المجتمع.

وإن كان لا بد من الدين، فليكن الدين الذي لا يكسر الظهر، ولا يدفن الطموح تحت أقساط متلاحقة وهموم لا تنتهي.

بات من المعتاد أن تُضخ مبالغ خيالية من أجل ليلة واحدة، تختلط فيها المجاملات بالمظاهر، وتُفرَض على الحضور تكاليف مشاركتهم التي باتت ـ هي الأخرى ـ لا تقل عن 100 ريال للفرد، في مظهر مؤلم من المبالغة والضغط الاجتماعي الخفي.

هل هذا هو الفرح الذي نريده؟

هل بات الزواج مهرجانًا يُرهق الجميع بدل أن يكون محطة مباركة لبداية حياة جديدة؟

رفقًا بالشباب…

رفقًا بأحلامهم وهم يضعون أولى لبنات مستقبلهم…

لتكن الدعوة من القلب: “تزوج وخذ زوجتك وارحل”، بهدوء، وبفرح داخلي صادق، ثم يُقيم أهل العروس أو العريس وليمة بسيطة للمقربين بعد المناسبة. لا بأس أن تكون جلسة عائلية، دافئة، مليئة بالدعوات الصالحة، بدل الطاولات المزخرفة والأضواء المتوهجة.

إنّ بركة الزواج ليست في كثرة المدعوين، ولا في ارتفاع سقف الصرف، ولا في تفاصيل الحفل، بل في البساطة، والتيسير، والنية الصالحة، كما قال النبي ﷺ:

“أقلهن مهرًا، أكثرهن بركة”.

نحن لا نحارب الفرح، بل نعيد تعريفه في ضوء معطيات العصر، لأننا نؤمن أن الجمال الحقيقي في الحياة يكمن في بدايات متزنة، لا يُفسدها دين، ولا يرهقها مظهر، ولا يعكرها حساب.

الوعي هنا ليس ترفًا، بل ضرورة… والمبادرة بالتغيير مسؤولية كل فرد، كل أسرة، كل مجتمع.

فلنُعد الاعتبار للمقاصد، ولننحِ المظاهر، ولنجعل من الزواج فرحة حقيقية لا ورطة مجتمعية…

فرحة تبدأ خفيفة… وتبقى مباركة. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى