رصد وتصوير احترافي لسديم الخفاش الطائر والحبار
رصد وتصوير احترافي لسديم الخفاش الطائر والحبار
الاحساء / زهير بن جمعه الغزال
أوضح ذلك المهندس مالك سهاونه من الاردن
قام المهندس مالك سهاونة برصد وتصوير احترافي لسديم الخفاش الطائر Sh2-129، وهو من السدم الصعبة جدا رصدًا وتصويرًا لاسباب عديدة منها خفوته الشديد، يبتعد هذا السديم عنا حوالي 2000 سنة ضوئية، ويُعد سحابة هائلة من غاز الهيدروجين الأحمر في أعماق مجرتنا، وفي قلبه يتوهج سديم الحبار (OU4) باللون الأزرق، ويُعتقد أنه ناتج عن نجم منخفض الكتلة يقترب من نهاية عمره، حيث ينفث طبقاته الخارجية في اتجاهين متعاكسين.
تمت عملية التصوير من منطقة الفحيص في الأردن، حيث بلغ مقدار التلوث الضوئي نحو 7 على مقياس بورتال، استغرقت فترة المشروع عدة أشهر ما بين يونيو وأيلول 2025 لأسباب فنية وفلكية، بينما استمر التصوير الفعلي عدة ليالٍ، بإجمالي 30 ساعة تعريض، مدة كل إطار 5 دقائق.
واستُخدم في هذا العمل، تلسكوباته واجهزته الخاصة، منها تلسكوب Askar ACL200 وكاميرا ASI2600MM DUO مع نظام متابعة Skywatcher Star Adventurer GTI. كما جرى الاستعانة بمرشحات متقدمة لالتقاط إشارات الهيدروجين المؤيَّن (Hα) والأوكسجين المؤيَّن (OIII)، ثم دمج البيانات ومعالجتها عبر برنامج PixInsight لإنتاج لوحة ألوان علمية وفق نظام HOO.
يقع سديم الخفاش الطائر (Sh2-129) في كوكبة قيفاوس، ويظهر كسحابة حمراء متوهجة تمتد أكثر من درجتين في السماء، مشكلة أقواسًا وخيوطًا غازية تشبه أجنحة خفاش في الفضاء، ورغم خفوته مقارنة بسدم أخرى مجاورة، إلا أنه يتميز باحتوائه على البنية الزرقاء الفريدة لسديم الحبار Ou4، التي اكتشفها عام 2011 الفلكي الهاوي الفرنسي نيكولا أوترز، يشع هذا السديم بخط إشعاع الأوكسجين المزدوج التأين (O III)، مانحًا إياه توهجًا أزرقَ بديعًا وسط خلفية الهيدروجين الأحمر، يتميز Ou4 بشكل ثنائي الفصوص يشبه أذرع الحبار الممتدة، وقد يصل حجمه إلى نحو 50 سنة ضوئية إذا كان يقع على بُعد سديم الخفاش نفسه، ورغم أنه عُدَّ في البداية سديمًا كوكبيًا ناتجًا عن موت نجم، تشير دراسات أحدث إلى أنه تدفق غازي هائل صادر عن النجم الثلاثي HR 8119 في مركزه، وربما اندفع إلى الفضاء قبل عشرات الالاف من السنين.
النتيجة لم تكن مجرد صورة جميلة، بل رواية كونية عن دورة حياة النجوم؛ كيف تتحول عند أفولها إلى لوحات سماوية بديعة، تنثر الضوء واللون في فضاء لا متناهٍ. إنها تذكير بأن الكون، حتى في لحظات موت نجومه، لا يتوقف عن كتابة سطور جديدة من الجمال.