أخبار محليةاخبار ثقافية

التجارة الإلكترونية تشهد تحولًا تصاعديًا متسارعًا

التجارة الإلكترونية تشهد تحولًا تصاعديًا متسارعًا

مسقط /العُمانية/ تشهد التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية في سلطنة عُمان في الفترة الأخيرة تحولًا تصاعديًا متسارعًا، كونها جزءًا لا يتجزأ من التجارة الإلكترونية بكافة أنواعها ومسمياتها، حيث أصبح التفاعل الإلكتروني أحد أبرز مظاهر هذا التحول، وذلك بفضل التطور الذي تشهده الرقمنة على المستوى المحلي، مع زيادة في الاعتماد على الإنترنت في الحياة اليومية، ويتجسد ذلك الحضور في التواصل والتفاعل في البيع والشراء عبر وسائل التواصل المتاحة، في قنوات ترويجية ذات فاعلية كبيرة، من بينها إنستغرام وتيك توك مرورًا بفيسبوك، ما عمل على دعم وتبسيط الإجراءات، ورفع مستوى الإنتاجية للأنشطة التجارية بين روّاد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، فإن أعداد المرخصين لممارسة أنشطة التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان تشهد ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ عددهم (10543) مُرخصًا حتى منتصف شهر يوليو 2025م، مع معدل نمو سنوي مركب بلغ 191% للفترة (2020-2025). ويعود هذا الارتفاع لأسباب عدة، من أهمها التوجه المحلي والعالمي لتبني وسائل التقنية الحديثة لعرض وتسويق وبيع المنتجات والخدمات، تماشيًا مع التنظيم المستمر لهذا المجال، والذي أُصدر إطاره التشريعي الأول والمنظِّم للتجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان في سبتمبر 2023.

وفي هذا السياق أوضحت حنان بنت حميد الجابرية، رئيسة قسم التجارة الإلكترونية بدائرة الشؤون التجارية والتجارة الإلكترونية بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن التجارة الإلكترونية تُنظَّم من خلال المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بموجب اللائحة التنظيمية للتجارة الإلكترونية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 499/2023، حيث تُعرَّف التجارة الإلكترونية بأنها نشاط اقتصادي يتم بين المرخص له والمستهلك عن طريق وسيلة إلكترونية أو متجر إلكتروني، وذلك لبيع أو عرض أو تسويق أو ترويج سلع أو خدمات أو تبادل البيانات الخاصة بها.

وأضافت في حديث لوكالة الأنباء العُمانية أن الوزارة ترخص الأعمال التجارية لمزاولي أنشطة التجارة الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، شريطة الالتزام بمواد وأحكام اللائحة التنظيمية للتجارة الإلكترونية. ومن بين وسائل التواصل الاجتماعي التي تنتشر بها التجارة الإلكترونية: إنستغرام، إكس، وواتساب، كأعلى وسائل تُزاول من خلالها التجارة الإلكترونية، إلى جانب المواقع الإلكترونية والتطبيقات الخاصة بالأعمال التجارية التي تُعد أساس التجارة الإلكترونية الحديثة.

وأشارت إلى أن أبرز الأنشطة الاقتصادية المنتشرة بكثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي أنشطة البيع بالتجزئة للعطور، ومستحضرات التجميل، والملابس الجاهزة.

وذكرت أن البائعين (التجار – المرخص لهم بمزاولة أنشطة التجارة الإلكترونية) قد يواجهون تحديات تتمثل في صعوبة بناء الثقة مع العملاء، ومخاطر الاحتيال في عمليات الدفع الإلكتروني وغيرها. وقد يعاني المشترون (المستهلكون) من مخاطر الاحتيال، وعدم وضوح سياسة الاسترجاع، وغياب الضمانات على الجودة، وتسرب البيانات الشخصية. وقد عالجت مواد وأحكام اللائحة التنظيمية للتجارة الإلكترونية (499/2023) هذه التحديات، مع تقليل الأثر السلبي الذي قد تشكله هذه التحديات على بيئة الأعمال التجارية الإلكترونية في سلطنة عُمان، مع التشديد المستمر في عمليات الرقابة والتفتيش التي تتم على الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن جانب آخر، أوضح المختص بالشأن الرقمي، الدكتور ناصر بن حميد المصلحي، رئيس مركز البحث العلمي بكلية مزون، أن أهمية الأمن الرقمي تكمن في حماية المستخدمين من أخطار الاختراق والدخول إلى حساباتهم أو انتحال شخصياتهم؛ كون البيانات الرقمية تُشكّل الهوية الشخصية لصاحبها، مثل الولوج إلى الخدمات الحكومية عبر الرقم المدني وبعض التفاصيل الأخرى مثل تاريخ انتهاء البطاقة الشخصية. وقوع مثل هذه البيانات في أيدي غير أصحابها قد يؤدي إلى ارتكاب جرائم إلكترونية باسم صاحب هذه البيانات.

وبيّن أن الإجراءات الأمنية الواجب اتباعها هي عدم الشراء من المواقع غير الموثوقة، بجانب استخدام متصفحات آمنة، وعدم تخزين بيانات البطاقة المصرفية في المتصفح، بالإضافة إلى عدم إرسال أي معلومات لأي طرف كان، مهما كان مستوى الثقة، فأساس الاختراق بالنسبة للمخترقين هو بناء قاعدة ثقة مع الضحية ليتم الاستيلاء على بياناته ومن ثم استخدامها.

وأكد أن خطة الحماية تكمن في عدم الانجراف خلف الإعلانات التي تظهر للمستخدم مثل تلك التخفيضات الهائلة أو غير المعقولة، فمثل هذه الحالات يسعى المحتالون الإلكترونيون إلى فصل التفكير المنطقي لدى المستخدم بإدخاله في حالة خوف من فقدان الفرصة، مما يوقعه في الاستعجال بالدفع.

وتُعد إجراءات السلامة معيارًا للوقاية من الوقوع في الاحتيال الإلكتروني، والإسراع في الإبلاغ دائمًا عن أي أمر مريب قد يحصل، سيكون له الأثر في حماية المستخدم من عواقب الملاحقة القضائية أو الوقوع كضحية احتيال.

وفي السياق ذاته، أوضح مالك بن إسحاق القرني، تاجر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أن هناك العديد من التحديات والمخاطر، لا سيما فيما يتعلق بتواصل العملاء وعمليات الشراء والدفع الإلكتروني، مثل ضعف الثقة لدى بعض العملاء الجدد نتيجة انتشار حالات النصب والاحتيال عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لذا يتردد بعض العملاء في إتمام عمليات الشراء أو الدفع المسبق، مما يستدعي بذل جهد إضافي لتعزيز المصداقية وبناء الثقة. بجانب عدم انتظام التواصل في التعامل مع العملاء الذين يتواصلون بشكل متقطع أو يتراجعون عن الشراء بعد طلب المنتج، مما يؤدي إلى هدر الوقت والطاقة.

وأضاف أن هناك تحديات متعلقة بالدفع الإلكتروني تشمل تأخر التحويلات المالية أو استخدام وسائل دفع غير موثوقة أو حتى تلقي إيصالات مزيفة، إلى جانب تفاوت أسعار العملات عند التعامل مع عملاء من دول مختلفة.

وبجانب محاولات الاحتيال والتزوير، مثل استلام المنتجات ثم المطالبة باسترداد الأموال بدون مبرر أو تقديم بيانات خاطئة تؤدي إلى مشاكل في الشحن والتسليم، والمنافسة غير النزيهة كوجود حسابات وهمية أو منافسين يستخدمون أساليب غير أخلاقية لتشويه السمعة أو استهداف العملاء بطرق ملتوية.

وأوضح أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت نقطة تحول في نجاحه التجاري، حيث ساعدته في الوصول إلى جمهور واسع بدون تكاليف كبيرة، مع القدرة على عرض المنتجات بشكل جذاب وفوري، بالإضافة إلى سرعة التواصل مع العملاء، وبناء علامة تجارية قوية من خلال المصداقية والمحتوى المتجدد. لذا فإن التجارة الإلكترونية أسهل وأسرع وأوسع انتشارًا، بعكس الطريقة التقليدية ذات القيود المكانية والتكاليف العالية.

الجدير بالذكر أن التجارة الإلكترونية في سلطنة عُمان تُعد من القطاعات الواعدة، وفق ما أكدته وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، خاصة في ظل الخطة الوطنية للتجارة الإلكترونية (2022–2027)، التي تهدف إلى تحويل سلطنة عُمان إلى مركز إقليمي للتجارة الإلكترونية، وبناء قطاع مزدهر ومتطور بحلول عام 2027.

وفي هذا الإطار، تواصل الوزارة جهودها في دعم ممارسة أنشطة التجارة الإلكترونية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لرفع جودة وكفاءة المنتجات والخدمات المقدَّمة محليًا، وتمكين روّاد هذا المجال من الانتقال التدريجي إلى منصات إلكترونية أكثر تطورًا، بما يتماشى مع المستجدات التقنية والتنظيمية العالمية في مجال التجارة الإلكترونية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى